السبت 4 مايو 1929 حتي الأربعاء 20 يناير 1993
المملكة المتحدة وبلجيكا وسويسرا والولايات المتحدة
أودري هيبورن (ولدت أودري كاثلين روستون، 4 مايو 1929 - 20 يناير 1993) كانت ممثلة بريطانية ومحبة للإنسانية. عُرفت أودري بكونها رمزًا من رموزعالم السينما والأزياء، فصُنفت من قِبل معهد الفيلم الأمريكي بوصفها أعظم ثالث أسطورة نسائية متجسدة على الشاشات خلال العصر الذهبي لهوليود، فضلًا عن دخولها قائمة المشاهير الأكثر أناقةً حول العالم.
والد أودري، هو جوزيف فيكتور أنتوني روستون (21 نوفمبر 1889 - 16 أكتوبر 1980)، كان من الرعايا البريطانيين ولد في أوشيتز، بوهيميا، النمسا-المجر. كان ابن فيكتور جون جورج روستون، من أصول بريطانية ونمساوية، و"آنا ويلس"، من أصل نمساوي ولدت في كوفارس.
كانت والدة هيبورن، البارونة إيلا فان هيمسترا (1900-1984)هي سيدة من طبقة أرستقراطية وهي ابنة البارون الهولندي أرنود فان هيمسترا والذي شغل منصب رئيس بلدية آرنم في الفترة من 1910 وحتى 1920، وكان حاكمًا لمستعمرة سورينام الهولندية في الفترة منذ 1921 وحتى عام 1928. وكانت والدة إيلا هي السيدة إلبيرج ويلماين هنرييت، البارونة فان (1873-1939).
ترك جوزيف العائلة فجأة في عام 1935 بعد "مشهد" في بروكسل عندما كانت أدريانتجي (كما كانت تُعرف في العائلة) في السادسة من عمرها؛ فيما بعد تحدثت كثيرًا عن تأثير "الترك" على الطفل لأن "الأطفال يحتاجون إلى أبوين". انتقل جوزيف إلى لندن، حيث انخرط بشكل أعمق في النشاط الفاشي ولم يقم أبدًا بزيارة ابنته في الخارج. أعلنت هيبورن في وقت لاحق أن رحيل والدها كان "أكثر حدث مؤلم في حياتها".
وبعد غزو ألمانيا لهولندا عام 1940، اتخذت هيبورن من "ايدا فان هيمسترا" اسمًا مستعارًا لها؛ وذلك لما يشكله اسمها الإنجليزي من خطورة عليها أثناء الاحتلال الألماني. وقد تأثرت عائلة هيبورن بشدة من قِبل الاحتلال، فقد سردت هيبورن ذات مرة "لقد أدركنا أنه سيتم احتلالنا لمدة خمس سنوات، ولربما كدنا أن نطلق النيران على أنفسنا، ولكننا اعتقدنا أن كل ذلك سينتهي الإسبوع القادم... بل بعد ستة أشهر... ربما العام القادم... فهكذا هوّنا على أنفسنا".
في عام 1942، تم إعدام عمها أوتو فان ليمبورغ ستيرم (زوج ميسجي الأخت الكبرى لوالدتها) وذلك انتقاما لارتكابه عمل تخريبي تابع لحركة المقاومة، ولكنه في الحقيقة لم يشارك في العمل بل تم استهدافه لبروزعائلته في المجتمع الهولندي. وقد تم ترحيل إيان شقيق هيبورن من والدها للعمل في معسكر العمل الألماني، بينما اختبأ شقيقها الآخر أليكس لتجنب مصير أخيه.
بعد وفاة عمها، غادرت هيبورن وإيلا وميسيه أرنهيم للعيش مع جدها، البارون أرنود فان هيمسترا، في فيلب القريبة. في ذلك الوقت تقريبًا، أدت هيبورن عروض رقص صامت لجمع الأموال لجهود المقاومة الهولندية. كان يعتقد منذ فترة طويلة أنها شاركت في المقاومة الهولندية نفسها.
إزدادت الظروف المعيشية سوءًا وتم تدمير آرنم لاحقا خلال عملية ماركت جاردن العسكرية. وخلال المجاعة الهولندية التي أعقبت شتاء عام 1944، أغلق الألمانيون طرق الإمدادات الضئيلة عن الشعب الهولندي انتقامًا من إضرابات السكك الحديدية التي قام بها الهولنديون لعرقلة الاحتلال الألماني. وقد لجأت هيبورن والعديد من الأناس لاستخراج الدقيق من نبات التوليب لاستخدامه في خبزالكعك والبسكويت، وقد أصيبت هيبورن بفقر الدم (أنيميا) ومشاكل في الجهاز التنفسي واستسقاء (طب) (أوديما) نتيجة سوء التغذية. وقد تأثرالمستوى المادي لعائلة فان هيمسترا بصورة بالغة جدًا جرّاء الاحتلال؛ فقد تم تدمير العقار الرئيسي لهم في مدينة آرنم.
وأثناء امتهان إيلا بوظائف متدنية لمساعدة عائلتها، ظهرت هيبورن كفتاة كورس بمسارح إند وست الموسيقية وذلك بالعمل المسرحي الساخر زر الحذاء العالي (1948) بميدان سباق الخيل بلندن وصوص سيسيل والتتار (1949)، والصوص اللاذع عام 1950 بمسرح كامبردج. وخلال عملها المسرحي، أخذت دروس خطابة مع الممثل فيليكس إيلمر لتطوير صوته.
انطلقت هيبورن إلى البروفات ولكونها لم تخوض تجارب التمثيل كثيرا فقد احتاجت إلى تدريب خاص. وعندما عُرضت المسرحية على مسرح فولتون في الرابع والعشرين من نوفمبر، تلقت هيبورن الكثير من عبارات المدح والثناء على دورها على الرغم من الانتقادات التي انتقدت تحويل عمل روائي إلى عمل مسرحي فهو أمر دخيل على الأعمال الفرنسية. وقد أطلقت عليها مجلة لايف لقب الناجحة، بينما نشرت نيويورك تايمز أن طبيعتها ناجحة للغاية ومن الطبيعي أن يبقى نجاحها حديث الساعة. ذلك بالإضافة إلى حصولها على جائزة المسرح العالمي عن هذا الدور. وقد استمرت المسرحية في العرض حيث تم عرضها 219 مرة إلى أن أغلقت في الحادي والثلاثين من مايو عام 1952،
في عام 1952، خطبت هيبورن من رجل الصناعة جيمس هانسون، الذي كانت تعرفه منذ أيامها الأولى في لندن. أطلقت عليه اسم "الحب من النظرة الأولى"، ولكن بعد تجهيز فستان زفافها وتحديد الموعد، قررت أن الزواج لن ينجح لأن متطلبات حياتهما المهنية ستبقيهما منفصلين في معظم الأوقات. وأصدرت بيانا عاما بشأن قرارها قائلة "عندما أتزوج أريد حقا أن أتزوج".
لعبت هيبورن دورها الأول في بطولة رومان هوليداي (1953)، حيث لعبت دور الأميرة آن، وهي أميرة أوروبية تهرب من زمام العائلة المالكة وتقضي ليلة صاخبة مع صحفي أمريكي (جريجوري بيك). أراد منتجو الفيلم في البداية أن تقوم إليزابيث تايلور بهذا الدور، لكن المخرج ويليام وايلر أعجب كثيرًا باختبار شاشة هيبورن لدرجة أنه اختارها بدلاً من ذلك.
حقق "رومان هوليدي" نجاحًا في شباك التذاكر ، وحصلت هيبورن على إشادة من النقاد لتصويرها ، وحصلت بشكل غير متوقع على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة ، وجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام لأفضل ممثلة بريطانية في دور قيادي ، وجائزة غولدن غلوب لأفضل ممثلة - فيلم سينمائي. دراما في عامي 1953 و 1954.
فأصبحت بذلك واحدة من نجوم الشباك الأكثرشعبية في هوليود، كما استمرت في التألق في سلسلة من الأفلام الناجحة خلال ما تبقى من العقد، بما في ذلك حصولها على جائزة بافتا والترشح للغولدن غلوب عن دور نتاشا روستوفا في فيلم الحرب والسلام عام 1956 المأخوذ من رواية تولستوي "الحرب والسلام" التي كـُتبت خلال حروب نابليون، وشاركها البطولة كل من هنري فوندا، وزوجها ميل فيرير.
ظهرت هيبورن بعد ذلك أمام كاري جرانت في فيلم الإثارة الكوميدي "الأحجية" (1963، حيث لعبت دور أرملة شابة يلاحقها العديد من الرجال الذين يطاردون الثروة التي سرقها زوجها المقتول. كان جرانت البالغ من العمر 59 عامًا، والذي انسحب سابقًا من أدوار البطولة الذكورية في رومان هوليداي وسابرينا، حساسًا بشأن فارق السن مع هيبورن البالغة من العمر 34 عامًا، وكان غير مرتاح بشأن التفاعل الرومانسي. لإرضاء مخاوفه، وافق صانعو الفيلم على تغيير السيناريو بحيث تلاحقه شخصية هيبورن.
شاركت هيبورن النجم ويليام هولدن الذي شاركها بطولة فيلم سابرينا للمرة الثانية في فيلم "عندما تهمس باريس" عام 1964 وهو فيلم كوميدي تلعب فيه هيبورن دور المساعدة الشابة لكاتب السيناريو الهوليودي والذي يحاول معالجة حالة صعوبة الكتابة التي يمر بها عن طريق تمثيل مختلف القصص المحتملة.
وبمرورالأعوام، شاركت هيبورن في مختلف ألوان الفن؛ فشاركت في الفيلم الكوميدي "كيف تسرق مليونا" عام 1966، حيث لعبت دورابنة جامع تحف فنية شهير التي تتألف جميعها من قطع مزورة. وخوفا من اكتشاف والدها، فقد خططت لسرقة واحدة من تماثيله الثمينة بمساعدة رجل قام بآداء دوره النجم بيتر أوتول.
ظهرت هيبورن في فيلم"فيلم اثنين على الطريق" وهو فيلم بريطاني مبتكر يتتبع مسار الزواج المضطرب لإحدى الزوجين. وصرّح المخرج ستانلي دونين أنه لم يسبق له رؤية هيبورن مرحة وسعيدة مثلما رآها أثناء تصوير الفيلم، وأرجع الفضل في ذلك إلى النجم ألبرت فيني.
ظهرت أودري أيضًا في فيلم" انتظر حتى يحل الظلام" ، وهو فيلم إثارة نفسي جسدت فيه هيبورن دورسيدة كفيفة إرهابية .كمُنت صعوبة الفيلم في تصويره بعد طلاقها مباشرة بالإضافة إلى أن منتج الفيلم كان زوجها ميل فرير. لقد فقدت خمسة عشر رطلاً تحت الضغط ، لكنها وجدت المساندة في النجم المشارك ريتشارد كرينا والمخرج تيرينس يونغ.
من القيل والقال والأخبار الصحفية التي لمّحت بأن زواجهما لن يستمر، نفت هيبورن انفصالهما وعبّرت عن سعادتهم سويًا على الرغم من اعترافها بالمزاج المتقلـّب لفرير. وقد ترددت شائعات تفيد بسيطرة فرير الشديدة على هيبورن لدرجة وصفه بأنه "سي السيد " وهو ما أضحك هيبورن بشدة. وصرّح ويليام هولدن "أعتقد أن هيبورن سمحت لفرير بأن يشعر بتأثيره فيها" وبعد زواج دام لقرابة ال 14 عام، انفصل الزوجان في الخامس من ديسمبر لعام 1968.
وكانت دولة إثيوبيا هي أول زيارة ميدانية تابعة لليونيسيف تقوم بها هيبورن في عام 1988. وهناك زارت دار للأيتام يضم 500 طفل يتضورون جوعًا وزوّدتهم بالأغذية التابعة لليونيسيف وقالت عن الرحلة: "انفطر قلبي، وأشعر باليأس. ولا يمكنني تقبُل فكرة أن هناك قرابة المليوني شخص على وشك الموت جوعًا ومن بينهم العديد من الأطفال، ليس بسبب عدم وجود أطنان من الطعام بالساحل الشمالي بشوا، ولكن لا يمكن توزيعها. وفي الربيع الماضي، تم طلب عدد من موظفي الصليب الأحمر واليونيسيف للذهاب إلى الإقليم الشمالي بسبب وقوع حروب أهلية في وقت متزامن.... ذهبت إلى بلاد الثوار ورأيت العديد من الأمهات يسرن برفقة أولادهن قرابة الثلاثة أسابيع بحثا عن الغذاء، ويُقِمن في مخيمات على الأراضي الصحراوية حيث يمكنهم الموت. يا له من أمر رهيب. أنا لا أحبذ مصطلح " العالم الثالث " لأنني أؤمن بأننا جميعا ننتمي لعالم واحد. وأريد أن يعرف العالم أن هناك جزء كبير من الإنسانية يعاني".
وفي أغسطس عام 1988، ذهبت هيبورن إلى تركيا في حملة تطعيم. وأثنت هيبورن على تركيا واصفة إياها ب "المثال الأجمل" المبرز لقدرات اليونيسيف. وقالت عن الرحلة "دعمنا الجيش بمنحنا العربات، وتنازل بائعو السمك عن عرباتهم لصالح الأمصال وبمجرد تحديد مواعيد الجرعات، لم يستغرق الأمر عشرة أيام لتطعيم البلد بأكملها. وهو أمر جيد".
وفي أكتوبر، ذهبت هيبورن إلى أمريكا الجنوبية، وقامت بنقل تجاربها في فنزويلا والإكوادور للكونغرس الأمريكي قائلة " رأيت مجتمعات جبلية صغيرة، وأحياء فقيرة، ومدن من الصفيح تحصل على شبكات المياه لأول مرة بمعجزة، في الواقع المعجزة هي اليونيسيف. كما رأيت أولادًا يدشنون مدارسهم بالطوب والأسمنت الذي منحه اليونيسيف إياهم".
وفي إبريل، زارت السودان برفقة وولدرز كجزء من مهمة تسمى "عملية شريان الحياة ". وبسبب الحرب الأهلية، انقطعت المعونات الغذائية من الوكالة، وكانت مهمة نقل الغذاء إلى جنوب السودان. وصرحت هيبورن "رأيت حقيقة واحدة، ألا وهي ان هذه الكوارث ليست طبيعية بل من صنع الإنسان ولا يوجد لها أية حلول سوى السلام".
في أكتوبر 1989، ذهبت هيبورن و وولدرز لبنجلاديش. وقال جون إيزاك مصور الأمم المتحدة غالبًا ما كان الأطفال ينقضون على هيبورن لاحتضانها وكانت تسبقهم هي لاحتضانهم، لن يسبق لي رؤية ذلك من قبل، فعادة ما يتردد البعض تجاه الإقبال عليهم ولكنها لم تتردد قط. فتوقى الأطفال للمسة من يديها فقط فكانت بالنسبة لهم بمثابة زمار هاملين".
ومنذ عام 1980 وحتى وفاتها كانت هيبورن على علاقة بالممثل الهولندي روبرت وولدرز أرمل الممثلة ميرل أوبيرون. وقد التقت هيبورن بوولدرز عن طريق صديق خلال السنوات الأخيرة من زواجها الثاني. وفي عام 1989، أي في العام التاسع لهما سويًا، صرّحت هيبورن بأن تلك العام هو الأسعد في حياتها وقالت أنها تعتبر نفسها زوجته ولكن بصورة غير رسمية
واصلت هيبورن العمل في مشروعين متتابعين. فكان "حدائق العالم مع أودري هيبورن" هو سلسلة برنامج تلفزيوني وثائقي تم تصويره في سبع دول خلال الربيع والصيف بعام 1990. سبقها عرض خاص مدته ساعة واحدة في مارس 1991 ، وكانت مدته ساعة واحدة وتم عرضه بعد وفاتها في الحادي والعشرين من يناير لعام 1993. وقد مُنحت هيبورن بعد وفاتها جائزة إيمي للإنجاز الفردي المتميز في البرمجة الإعلامية.
وفي سبتمبر عام 1992، وقبل أربعة أشهر من وفاتها، زارت هيبورن دولة الصومال، ونعتتها بالمروّعة. حيث قالت "لقد كان كابوسًا؛ فسبق أن رأيت المجاعات في إثيوبيا وبنجلاديش، ولكن لم يسبق لي رؤية هذا الشئ من قبل، فقد تخطى ما رأيته تخيلات أكثر المتشائمين على وجه الأرض. ولم أكن مستعدة لذلك أبدًا".
في عام 2002، في الدورة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأطفال، كرّمت اليونيسيف إرث هيبورن للعمل الإنساني عن طريق إزالة الستار عن تمثال "روح أودري" في مقر اليونيسيف بنيويورك. كما اعترف صندوق الأمم المتحدة لجمعية أودري هيبورن باليونيسيف بالخدمات التي قدمتها هيبورن للأطفال.